كلام x كلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كلام x كلام



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رواية الخيال العلمي الجزء الثانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
HABATACA
محترف رغي
محترف رغي
HABATACA


عدد الرسائل : 79
المزاج : ميه الميه
المهنه : رواية الخيال العلمي الجزء الثانى Player10
تاريخ التسجيل : 30/07/2008

رواية الخيال العلمي الجزء الثانى Empty
مُساهمةموضوع: رواية الخيال العلمي الجزء الثانى   رواية الخيال العلمي الجزء الثانى Emptyالجمعة أغسطس 01, 2008 10:05 am

-2-‏

وقف الدكتور على نادر، العالم الأنثروبولوجي الشاب، وسط حلقة من المعجبين والمعجبات بنظرياته المستقبلية الجريئة، يستحم في ثنائهم السخي على كتابه الجديد (عصر الإنسان)، ويرد على أسئلتهم، عقب حفل التكريم الذي أقامته له الجمعية الملكية البريطانية للأنثروبولوجيا في مركزها بلندن. وإلى جانبه وقفت كاتبته ومساعدته وتلميذته الباكستانية الشابة، تاج محيي الدين، لابسة ساريا أخضر فاتحاً، زاد وجهها الخمري الجميل نضرة وجمالاً..‏

والتفت الدكتور علي نادر إلى خادم الجمعية العجوز الذي انحنى يهمس في أذنه:‏

- دكتور نادر، أنتم مطلوبون للهاتف، أخشى أن المكالمة مستعجلة.‏

واعتذر الدكتور نادر لمن حوله بابتسامته المضيئة، وخرج من الحلقة خلف الخادم العجوز الذي قاده إلى مكتب المدير، وناوله السماعة بيد في قفاز أبيض. وقعد الدكتور نادر على طرف المكتب:‏

- آلو.‏

- الدكتور على نادر؟‏

- نعم، من؟ فيليب؟‏

- اسمع يا علي، ليس لي وقت لتهنئتك الآن. هناك خبر سيظهر على التلفزيون في ظرف دقيقة أو اثنتين. هل هناك جهاز قريب منك؟‏

ونظر الدكتور نادر حواليه، فرأى جهازاً بركن المكتب:‏

- نعم هنا واحد.‏

- أشعله وضعه على قناة الـ"بي. بي. سي"، المحطة الأولى. إلى اللقاء.‏

وعلق، فنظر نادر إلى السماعة باستغراب، ثم أرجعها إلى محلها، وخَطَا نحو الجهاز، فأشعله ووقف يذرع الغرفة، وينتظر ظهور الصورة.‏

وسمع قرعاً خفيفاً على الباب فقال:‏

- ادخل.‏

وانفتح الباب، وظهر من خلفه وجه تاج وعليه سؤال معلق. فأشار لها هو أن تدخل، وأمسك بيدها:‏

- آسف يا عزيزتي إذا تأخرت عنك. كلمني فيليب، وقال لي إن خبرا يهمني سيظهر على التلفزيون الآن.‏

وبرقت عين تاج فتساءل نادر بنظرة قلقة، فقالت:‏

- لابد أن يكون كتابك! حلقة مناقشة حوله. أليس ذلك عظيماً؟ هل يمكننا البقاء هنا لمشاهدة البرنامج بأسره؟‏

وجاء صوت المذيع قبل ظهور صورته وهو يقول:‏

"نقاطع هذا البرنامج لنأتيكم بهذا الخبر المستعجل:".‏

وظهر وجه مذيع آخر ينظر إلى ورقة في يده، ثم ينزع النظارة، ويرفع وجهه ليواجه الكاميرا وبدأ:‏

"خبر في منتهى الغرابة، وصلنا من الدار البيضاء بالمغرب، مفاده أن الدكتور هالين الخبير السويدي المعروف في مكافحة الإشعاع الذري، والحائز على جائزة نوبل في أبحاثه في ذلك الميدان، اختفى من طائرة عابرة المحيط وهي في الجو- أعيد: في الجو بين نيويورك والرباط".‏

وأعاد النظارة إلى عينيه، وتناول الورقة أمامه، فقلبها بين يديه، ثم أضاف:‏

"سنوافيكم بما يجد في الموضوع في حينه. ما هو تاريخ اليوم؟ أرجو ألا يكون فاتح ابريل!".‏

واختفى المذيع، وعاد برنامج "شارع التتويج"، ولكن الدكتور على نادر بقي يحملق في الشاشة مأخوذا بالخبر، مخدر الإحساس، ساهيا عن وجود تاج معه في نفس الغرفة، وبقيت هي صامتة محترمة ذهوله حتى لا تحرجه.‏

ورن جرس الهاتف فأيقظه من شردوه. كان رنيناً حاداً بالنسبة للصمت المفاجىء الذي عاد إلى المبنى بعد خروج الجميع.‏

والتقط الدكتور نادر السماعة، قبل أن يرن الجهاز مرة ثالثة. وفي الطرف الآخر كان فيليب الذي سأل بدون مقدمة:‏

- ما رأيك؟‏

- لا أدري. ما رأيك أنت؟‏

- هل أنت ذاهب لبيتك الآن؟‏

- نعم، لماذا؟‏

- في الساعة الحادية عشرة سيصلنا خبر مفصل، وقد يمكن أن تصلنا صورة المؤتمر الصحافي الذي ستدعو إليه شركة الطيران في الرباط. وقد تُلقي بعض الأضواء على هذا الغموض الغريب.‏

- لابد أنه غلط. فلا يختفي المسافرون من الطائرات في عنان السماوات...ونظر الدكتور على نادر إلى ساعته، ثم ودع فيليب، ووضع السماعة وهو يقول، وكأنه يحدث نفسه:‏

- لم يبق إلا نصف ساعة للأخبار.‏

وظهر على باب المكتب شبح الخادم العجوز في حلته الرسمية، كأنه قطعة من أثاث المبنى القديم، ورفع الدكتور نادر عينيه متسائلاً، فقال الخادم:‏

- سيدي، إذ كنتم في حاجة إلى سيارة أجرة فهناك واحدة بالباب.‏

- نعم. نحتاج إلى سيارة. شكراً.‏

وأمسك الخادم بالباب، فخرجت تاج وتبعها الدكتور نادر، والخادم خلفهما يقول:‏

- أخذت حرية المجيء بمعطفيكما إلى الداخل حتى لا تتعبا في العودة مرة أخرى إلى قاعات المآدب.‏

- شكراً لك.‏

ووضع الدكتور على نادر معطف تاج على كتفيها، وألبسه الخادم معطفه وفتح لهما الباب على شارع مبتل بمطر خفيف تعكس أرضه أضواء الشارع واللافتات التجارية الملونة. وأعطى الدكتور نادر العنوان للسائق:‏

- 48 كارلايل سكوير، من فضلك.‏

وفتح الباب لتاج ودخل السيارة السوداء الفارغة وقعد إلى جانبها ملقياً برأسه إلى الخلف.‏

وجاء صوت السائق من خلف الزجاج الفاصل:‏

-حظنا حسن هذه الساعة. لم يبق على المسارح والسينماهات إلا دقائق لتخرج جمهورها، فيكثر المرور والازدحام.‏

وأخذ يتكلم عن مطاعم لندن وجوها، والدكتور نادر وتاج ينتظران أن يكف عن الكلام في صمت، وصبر السيارة منطلقة في الشوارع الملتوية تضيق مرة وتتسع أخرى، والمارة بمظلاتهم يملأون الأرصفة وواجهات الدكاكين المضاءة، والبنات بديولهن القصيرة وأحذيتهن العالية السيقان وجوارهن الملونة ووجوههن المصبوغة وأهدابهن الصناعية، تعطي المدينة مظهراً حالماً غير واقعي، كأنه في صفحات كتاب ملون.‏

وعادت ذاكرة الدكتور نادر به في ومضة خاطفة إلى بلدته الصغيرة على البحر الأبيض. فاستعرض في خياله الشوارع القصيرة الجدران، المبلطة بالحصى الأبيض، والبيوت المربعة الأوباب بنقاراتها المستديرة أو المنحوتة في شكل يد يحمل كرة حديد والحيطان البيضاء المائلة إلى الزرقة، والنساء والرجال الملفوفين في الأصواف ناعسي العيون يتحركون كظلال الأشجار على الأسوار القديمة.‏

وتحركت السيارة بعد وقفة طويلة عند ضوء أحمر، فأفاق من شروده، واغتنم فجوة سكوت السائق، فدفع اللوح الزجاجي الفاصل بينهما، وعاد يتكىء ويبحث في ذهنه عن موضوع حديث مع تاج. وأخيراً تذكر:‏

- كدت أنسى.‏

- ماذا؟‏

- رسالة والدك.‏

- هل تسلمت منه رسالة أنت الآخر؟‏

- وجدتها في بريدي هذا الصباح. بها دعوة حارة لي لزيارة الجمعية الانثروبولوجية بفيجى والمحاضرة بها عن نظريتي الجديدة، ومعها تذكرة طائرة! لابد أن والدك واثق من قوة إقناعك. فمن أدراه أنني سأقبل الدعوة؟‏

- أؤكد لك أن تلك طريقة والدي في العمل. إذا كانت له رغبة في شيء دفع ثمنه في الحال حتى يبدد الشك!‏

- أنا متأكد أنك السبب الأول في هذه الدعوة. قال لي في رسالته إنه قرأ أغلب فصول الكتاب، فمن أرسله إليه؟ الكتاب لم يكمل توزيعه حتى في مدينة لندن.‏

- أعترف بأنني بعثت له بنسخة منه. ولكنني أقسم صادقة أنني لم أحاول أن أؤثر فيه في مسألة دعوتك. وإن كنت أرحب بالفكرة، فبعد الإرهاق والإجهاد الذي أصابك أثناء إعداد الكتاب، لابد أن عطلة على شواطىء "فيجي" ستريحك تماماً.‏

- أنت تضربين على أوتار ضعفي. تعرفين أنني مرهق وأحتاج إلى الراحة، وقد سمعتني مراراً ألْهج بالفرار إلى جزيرة، فاقترحت "فيجي". وتعرفين أنني أكره شتاء لندن الحزين، فاخترت نصف الكرة الصيفي، "إن كيدهن عظيم!".‏

وضحكت تاج، فانفرجت شفتاها عن مبسم كالأقحوانة، وقالت:‏

- تعطيني من الذكاء والمكر أكثر مما أستحق..ونظر إليها في غبش السيارة المتحركة، فخالجه شعور بأنهما يعيشان معاً، يعبران نهر الحياة في طوف صغير سعيد يشع دفئها حواليه... وتنهد. آه لو كانت له! لو كان قادراً أن يخطبها من نفسها! أن يضمها إلى صدره، ويهمس في أذنيها: "هل تتزوجينني؟".‏

وأدرك أنه أحرجها بنظرته وتنهده، فأسبلت عينيها حتى تتجنب عينيه، وأشاح هو بوجهه عنها لينظر عبر النافذة.‏

كانت السيارة دخلت "سلون ستريت"، وهي الآن تدور حول "سلون سكوير".‏

وتنبه لصوتها وهي تسأله.‏

- هل أعد تعليقك موافقة على الدعوة؟‏

-لا تربطيني الآن. أعطيني مهلة للتفكير.‏

- آسفة. لم أكن أريد دفعك.‏

- لا تعتذري يا عزيزتي، فأنا، كما قال أوسكار وايلد: "يمكنني مقاومة كل شيء إلا الإغراء!".‏

- لا ألومك إذا لم ترد مغادرة لندن في هذه الأيام.‏

- لماذا؟‏

- لا يمكنك أن تترك مقر عرشك الآن! علماء لندن والعالم الأنثروبولوجي كلهم يرفعونك فوق أكتافهم ويهتفون باسمك. فلا يمكنك أن تترك كل هذا المجد وتهرب إلى جزيرة واق الواق...ونظر الدكتور نادر إليها وعلى وجهه ابتسامة مفاجأة:‏

- ماذا؟ إنك تفاجئينني ببعض تعاليقك الساخرة، لم أكن أتوقع أن أكون ضحية لها بهذه السرعة! تذكري أنك ما تزالين تلميذتي. فلا تنسي مكانك!‏

- ها هو الرجل الشرقي يتكلم!‏

- أتحداك أن تجدي أحسن!‏

ودارت كلماته الأخيرة برأسه وأحس أن وجهه يحمر... وارتاح حين أدرك أن الظلام يخفي حَرَجَه.ودارت السيارة نحو اليمين داخلة "كارلايل سكوير"، فاعتدل في جلسته، وبدأ ينظر إلى العداد، ويبحث في جيوبه عن النقود.‏

- الباب الرابع إلى اليسار.‏

ووقفت السيارة فخرج الدكتور نادر، وساعد تاج على الخروج، وهي ترفع ثوبها الطويل.وفي البيت تناول معطفها وعلقه خلف الباب، وخلع معطفه هو الآخر وعلقه، وأشعل الأنوار كلها داخل غرفة الجلوس. ونظر إلى ساعته وقال:‏

- لم تبق إلا خمس دقائق للأخبار.‏

وعلا صوت التلفزيون فغطى على الحديث. وخرج الدكتور نادر من بيت النوم بقميص قصير الأكمام، وسروال كاكي مكوى بعناية، وجلس على الأريكة مقابلاً جهاز التلفزيون.وجاءت تاج بصينية صغيرة عليها فنجانان يتصاعد منهما البخار، فوضعت واحداً أمامه وتناولت الآخر، وجلست بجانبه قبالة الشاشة المضيئة.‏

وبدأت موسيقى الأخبار فاعتدل الاثنان في مقعدهما، وعادت علامة الجد إلى وجه الدكتور نادر الذي كان يتناسى خبر اختطاف صديقه الدكتور هالن، ويُمنِّي نفسه بأن المسألة مجرد خطا من الشركة. وأن العالم السويدي لابد أن يظهر في القريب. وحتى إذا لم يظهر، فليس هناك خطر حقيقي على حياته. قد يكون على حريته إذا اختطفته دولة ما لاستعمال مواهبه العلمية. فهو أثمن من أن يجازف أي معسكر بقتله. وبهذه الفلسفة كان يعزي نفسه عن فقدان صدق عزيز.‏

وظهر وجه المذيع على الشاشة الصغيرة وعلى وجهه ابتسامة معلقة، وبدأ:‏

"الساعة الآن الحادية عشرة، وإليكم الأخبار، يقدمها "غوردن هانيكوم".‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://habataca.ahlamontada.net
 
رواية الخيال العلمي الجزء الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كلام x كلام :: احاسيس ومشاعر :: قصص و راويات و حكايات-
انتقل الى: